الخميس, أبريل 25, 2024

اخر الاخبار

تحليلاتمحطة «الضبعة» تضم أحدث 4 مفاعلات نووية أكثر أماناً فى العالم

محطة «الضبعة» تضم أحدث 4 مفاعلات نووية أكثر أماناً فى العالم

منذ انطلاق أول محطة نووية للأغراض التجارية في مدينة أوبنينسك بوسط روسيا وربطها بشبكة الكهرباء القومية عام 1954، واصلت التكنولوجيا النووية تطورها باستمرار، لجعل المفاعلات النووية الجديدة أكثر أمناً وقوة وكفاءة.
وقد حدثت تلك التطورات الهامة على هيئة موجات تكنولوجية متعاقبة، وهو ما نتج عنه ابتكار أجيال متعددة من المفاعلات النووية المتميزة. لقد تم ابتكار الجيل الأول من المفاعلات النووية خلال حقبتي الخمسينات والستينات، ولكنها أصبحت جزءً من الماضي الآن، فيما عدا بعض المفاعلات التي ما زالت تعمل في بريطانيا حتى الآن.
أما الجيل الثاني من المفاعلات فقد كان عصره الذهبي خلال السبعينات وحتى التسعينات، وما زالت تعمل حتى الآن في العديد من دول العالم، خاصة بعدما أجريت بعض التعديلات على تصميماتها مما ساهم في إطالة عمرها الإنتاجي من 30-40 عاماً في المتوسط إلى 50-60 عاماً.
وقد تم ابتكار الجيل الثالث من المفاعلات النووية بعد أن تم دمج التطورات الحادثة في تكنولوجيا الوقود النووي والكفاءة الحرارية وأنظمة الأمان والعمر التشغيلي، وهو ما ساهم في ظهور هذا الجيل من المفاعلات لأول مرة خلال حقبة التسعينات، خاصة مع بناء المزيد من هذه المفاعلات في مواقع عديدة حول العالم.
وعلى الرغم من أن تصميمات الجيل الرابع من المفاعلات النووية ما زالت حبراً على ورق حتى الآن، إلا أن التطور التالي للجيل الثالث من المفاعلات النووية كان هو الجيل الثالث بلس، وهو الجيل الذي تم تصميمه ليضم أنظمة أمن أكثر تطوراً، وعمرا تشغيليا أطول، مع تناقص احتمالات معدل تلف قلب المفاعل والتسرب الحراري بالإضافة للعديد من الخصائص والمزايا الأخرى.
إنّ تطوير تكنولوجيا المفاعلات النووية الجديدة من مرحلة الأبحاث الأولية حتى مرحلة التشغيل التجريبي والاستخدام التجاري هو أمر يتطلب وقتا وجهدا كبيرا، حيث يستغرق ذلك أعواماً طويلة وربما عقودا. ويعني ذلك أنّ إطلاق التصميم الخاص بالجيل الجديد من المفاعلات النووية يمثل خطوة رئيسية في قطاع الطاقة العالمي.
لقد شهد عام 2017 واحدة من تلك الانجازات الرئيسية في هذا القطاع، حيث تم إطلاق الوحدة السادسة في محطة نوفوفورونيج النووية في روسيا والتي تنتمي لمفاعلات الجيل الثالث بلس.
وبدأت الوحدة السادسة في محطة نوفوفورونيج النووية في وسط روسيا العمل في فبراير 2017، وبهذا أصبحت هذه الوحدة هي الأولى من نوعها في العالم التي تنتمي لمفاعلات الجيل الثالث بلس، ويتم تشغيلها لأغراض الاستخدام التجاري.
وتُعد الوحدة السادسة في تلك المحطة من مفاعلات القدرة المائية- المائية VVER-1200 التي تعمل بالماء المضغوط وقامت بتطويرها روساتوم، مؤسسة الطاقة النووية الروسية.
وتشير VVER إلى مفاعل القدرة المائي-المائي، ويعني ذلك أنّ للماء وظيفة مزدوجة كمهدئ للنيوترونات ومُبرّد للمفاعل. وتبلغ الطاقة الكلية للمفاعل الواحد 1200 ميجاوات، وهو ما يجعله احد أقوى المفاعلات النووية في العالم.
أما الخصائص المُحسّنة للمفاعل VVER1200 فتتمثل في العمر التشغيلي الممتد (60 عاماً لوحدة المفاعل)، هذا بالإضافة لنظم السلامة التي تتوافق مع أفضل المعايير العالمية التي تم الإعلان عنها بعد حادث محطة فوكوشيما النووية في اليابان.
ومن أهم الابتكارات التي يستخدمها المفاعل VVER-1200 اعتماده على أنظمة السلامة النشطة بالإضافة لأنظمة السلامة التلقائية التي لا تتطلب تدخلاً بشرياً من العاملين في المحطة النووية، كما لا تحتاج لمصدر طاقة إضافي، وهو ما يمثل نظام حماية إضافيا ضد الأخطاء البشرية المحتملة. لقد تم تصميم الوحدة بحيث تتحمل كل أنواع الكوارث الطبيعية بما في ذلك الزلازل وموجات التسونامي والبراكين وحوادث تحطم الطائرات.
خضعت المحطة أيضاً لاختبارات التحمل تحت أقصى الظروف وأكثرها تطرفاً، بما يتجاوز تلك الظروف التي تعرضت لها محطة فوكوشيما خلال الحادث الشهير الذي وقع لها. تضمنت الاختبارات التي خضعت لها الوحدة أيضاً محاكاة كل السيناريوهات المحتملة والتي يمكن تخيلها، ومن بينها فقدان المحطة للطاقة لمدة تصل إلى 72 ساعة.
وحتى في ظل أسوأ السيناريوهات المحتملة، ومنها حوادث انصهار قلب المفاعل، فإنّ قدرة المفاعل VVER-1200 على الاحتواء المزدوج للكارثة، وكذلك آلية احتواء قلب المفاعل سيمنع حدوث أي تسرب نووي في البيئة المحيطة.
الجدير بالذكر أن الوحدة السادسة بمحطة نوفوفورونيج خضعت لأكثر من 20 حملة تفتيشية على السلامة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد ذكر مفتشو الوكالة أنها احدى المحطات الأكثر أماناً في التاريخ.
واستضافت الوحدة الجديدة أيضاً 6 حملات تفتيشية من الجمعية العالمية لمشغلي المفاعلات النووية، وقد أشاد جاك ريجالدو،رئيس الجمعية، والذي زار الوحدة في مارس 2017 بعد افتتاحها مباشرة للتشغيل التجاري، بأهمية تشغيل الوحدة التي تنتمي لمفاعلات الجيل الثالث بلس، كما أثنى على هذا الانجاز الهام.
وتم تصميم المفاعل بشكل خاص ليناسب العديد من البيئات والمواقع الجغرافية وأنواع التربة حول العالم. وبالفعل تتم حالياً إقامة عدد من مفاعلات VVER-1200 أو التخطيط لإقامتها قريباً في كل من روسيا وبيلاروسيا وفنلندا والمجر ومصر وتركيا وبنجلاديش.
وفي منطقة الشرق الأوسط، يقام أول مفاعل من مفاعلات الجيل الثالث بلس VVER-1200 بمنطقة الضبعة في مصر، حيث تضم محطة الضبعة النووية 4 وحدات من هذا النوع بطاقة اجمالية تصل إلى 4800 ميجاوات.
ومن المنتظر التوقيع على العقود النهائية للمشروع في وقت لاحق من العام الحالي، حيث نال المشروع تقدير المسئولين الحكوميين والإقليميين المتخصصين في هذا المجال.
ومن جانبه، دعم علاء سلّام، أمين سر لجنة البيئة والطاقة بمجلس النواب المصري، المشروع وأشاد به، وقال “إنّ محطة الضبعة النووية ستمثل مصدراً للطاقة النظيفة في مصر، حيث أنّ المفاعلات النووية التي ستضمها المحطة لا ينبعث منها أية غازات قد تزيد من أثر ظاهرة الاحتباس الحراري في البيئة المصرية”.
ويؤكد يسري أبو شادي، المفتش السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنّ تصميم محطة الضبعة النووية يضم “أحدث أنظمة السلامة والأمان” في العالم، وهي بديل أفضل من المحطات الحرارية لتوليد الطاقة. وألمح إلى أن كل وحدة من الوحدات الأربعة التي تضمها محطة الضبعة سيعمل على تحقيق مليار دولار كل عام بما يصب في مصلحة الاقتصاد المحلي.

 

 

مفاعلات نووية

اقرأ المزيد