بقلم: أحمد عطا
هي أيقونة الجمال التي قال عنها الأديب والشاعر عبدالقادر المازني اثناء دراسته في باريس عاصمة (الچن والملائكة).. الچن إشارة إلى الانطلاق وحب الحياة، والملائكة تتويجاً للإرث الثقافي العظيم الذي يضم اعظم مفكري الأدب الفرنسي في العالم ومنهم ديكارت وفولتير وچان چاك رسوا وسارتر الذين قدموا للبشرية مسارات التنوير والحداثة في القرن الماضي.
ولكن عاصمة الجمال والنور لم تفلت من العقاب الروماني وفخ العمليات الإرهابية خلال الثلاثة أعوام الماضية والذي ما زال مستمراً حتي الآن، عندما شن المقاتلون الأجانب بقيادة صلاح عبدالسلام أمين عام التنظيمات المسلحة في أوروبا قبل القبض عليه علي خلفية هذه التفجيرات وقتها.
في مساء الثالث عشر من نوفمبر 2015 اقتحم مسلحين مسرح باتاكلان واطلقوا النار بشكل عشوائي، واحتجزوا رهائن، وهاجمت قوات الشرطة الفرنسية المسرح وأنهت عملية الاحتجاز فيه، بعد تفجير ثلاثة من المهاجمين أنفسهم، كانت الحصيلة الأعلى للخسائر البشرية في مسرح باتاكلان حيث قام المهاجمين باحتجاز رهائن قبل دخولهم في مواجهة مع الشرطة حتى يوم 14 نوفمبر.
أسفرت الهجمات عن مقتل 130 شخص: 89 منهم كانوا في مسرح باتاكلان، وجرح 368 شخصا، سبعة من المهاجمين لقوا حتفهم، تعتبر هذه الهجمات الأكثر دموية في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، والأكثر دموية في الاتحاد الأوروبي منذ تفجيرات قطارات مدريد عام 2004.
توصلت جهات التحقيق في فرنسا ان هجمات مسرح باتاكلان قد تم التحضير لها من خارج فرنسا وتحديداً من مدينة مولنبيك في بلچيكا التي صنفت حضانة الاٍرهاب في منطقة اليورو وهي المدينة التي خرجت منها مجموعة نجم العشراوي التي استهدفت مطار زفنتين في بلچيكا والذي أشار اليها تقرير الأمن القومي الامريكي الصادر عام 2016 بان المدينة بها اكثر من 45 ألف عنصر متشدد.
وتحولت باريس عاصمة الجمال بعد عملية مسرح باتاكلان قبلة للتنظيمات المسلحة في أوربا وتوالت عليها العمليات الإرهابية ما بين عمليات دهس وتفجيرات وكانت أهمها علي الإطلاق عملية الدهس بمدينة نيس في الجنوب الفرنسي عندما استقل التونسي محمد بوهلال شاحنة بضائع واقتحم حشد ضخم من الناس كانوا يحتفلون بيوم الباستيل في منتزه الإنجليز وقد أسفر عن مقتل 84 شخصاً بينما قتلت الشرطة منفذ العملية محمد بوهلال التونسي.
وقد تبني تنظيم داعش وقتها مسئوليته عن العملية، وعلي الرغم ان البرلمان الفرنسي أقر قانون مكافحة الاٍرهاب في نهاية عام 2017 وهو القانون الذي رفضه اليسار الفرنسي بل واعتبره تعدي علي الحريات وتحفظ عليه اليمين الفرنسي الذي يريد مزيد من الوصاية والقبضة الحديدية علي هؤلاء المتطرفين.
لكن القانون نفسه لم يفعل شيئاً في الحد من العمليات الإرهابية التي أصبحت سمة أساسية في المشهد الفرنسي حتي وقعت حادثة ذئاب منفردة خلال الأيام الماضية راح ضحيتها شخصاً وجرح اثنان على الرغم من المهارة والحرفية التي عليها المخابرات الفرنسية والتعاون الوثيق بين جهاز شرطة اليورو بول والداخلية الفرنسية إلا أن السيطرة علي العمليات الإرهابية فيما يعرف بالأماكن الهاشة وهي المولات والمتاجر والكافيهات في اروقة عاصمة الجمال فشل تماماً والبعض برر هذا الفشل بعدم وجود قاعدة بيانات للعناصر المتطرفة على اجندة الأمن الفرنسي.
وهو ما يحسب لجهاز الأمن الوطني المصري صاحب التاريخ الطويل في هذا الملف الذي اصبح مرجعية مهنية لكافة الأجهزة الأمنية علي مستوي المنطقة العربية والعالم لتاريخه الطويل في نشاط المتطرف وهو ما اعترفت به الأجهزة الأمنية علي مستوي العالم وخاصة ان الأمن الوطني قضي تماماً علي اللجان النوعية المسلحة الجناح العسكري لجماعة الاخوان والتنظيم الدولي المعروفة بـ”حركة حسم، ولواء الثورة” بل وضرب كل مخططاتهم من الخارج وتجفيف منابع التمويل لهم.
ولهذا الواقع الأمني يقر نجاح الأمن المصري في غلق ملف الاٍرهاب بامتياز وهو ما فشلت فيه دول تتفوق علينا بامكانيات متطورة، يبقي شيئاً واحداً ليعرفه العالم.. الاسلام برئ تماماً ما قام به تنظيم داعش والقاعدة واللجان النوعية المسلحة لجماعة الإخوان.
الاسلام دين سلام ومحبة وإخاء، وما شهده العالم من قتل وسفق دماء هي حرب مصالح وأكاذيب صدرتها وروجت لها تركيا وقطر مع جماعة الاخوان لكسب تعاطف الشارع العربي نحو المشروع التركي القطري الذي يعرف بمشروع الخلافة.. استعادة مشروع الخلافة العثمانية علي حساب دماء الأبرياء في المنطقة العربية.