“المنفذ” رواية لواقع أغلبه مُضلّل، إنها كتابة تستحق القراءة والاحتفاء بصاحبها الذى سرد أحداثها السيناريست والقاص حسن زين العابدين، فهى رواية تحاكم العقل العربى وتطالبه بإعادة النظر، وإعادة رسم خريطة تفكيره الذى تعوّد التسطيح ورؤية الأشياء بظاهرها.
والراوي في رحلته للكشف عن محاولة النفاذ كان ينشد واقعه الثاني، ومثل أزمة المثقف العربي في مجابهة واقعه التعيس، يقول: “كنت أولد من رحم لم تلد من قبل مثلي، كنت أنتزع من واقعي المهزوم لواقع أكثر رحابة وعدلًا وانتصارًا، كنت أبحث عن ذاتي خارج إطار الوهم الحديدي الذي فرض على أمثالي ..”.
وتارة أخرى، حين تنظر إلى الصوت المشوش المليء بالضوضاء الفارغة لن تتخيل أنه رجل يحمل بين طياته بطل، وبعض من قالوا عنهم شهداء كانوا جبناء، والسيدة التى قامت بإيواءه (وهى أم شهيد لم تعرف أنه مناضل إلا حين استشهد) كانت لها مواقف متناقضة، والموت قد يكون أشبه شيء بالحياة، تمامًا كما يفعل الإعلام بنا.
الصورة المُضلّلة والصوت المُضلّل والأخبار التى تضع السم فى العسل، كلها أشياء بحاجة إلى إعادة النظر والتفكير.. هنا نحن أمام القيمة الحقيقية للرحلة، كى نجد يومًا ما المنفذ إلى الحرية.
ويمضى فيقول: “انزووا بين سطور صفحات دفتي كتبكم المظلمة، عودوا من حيث أتيتم، ليس الوقت وقت ظهوركم، الطوفان أتي بالفعل”.
ومحاولة الخلاص اليائسة كشفتها كلمات الخاتمة: “ضاقت طاقة النور التي كان يختزنها كي ينفذ من خلالها، ثقب في جدار البلاهة كان يتمنى أن يمر من خلاله لكنه للأسف لم ولن يستطع بهذه الطريقة ومن خلال هذا الواقع أن ينفذ بل إنه تأكد من ذلك”.