الجمعة, مايو 2, 2025

اخر الاخبار

الرئيسيةعصر الهيمنة الأمريكية على المحك بعد تصدرها احصائيات وباء كورونا عالميا

عصر الهيمنة الأمريكية على المحك بعد تصدرها احصائيات وباء كورونا عالميا

أكد الكاتب البريطاني دانيال فينكلشتاين أن حالة الطوارئ التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد كشفت إلى أي مدى تتراجع الولايات المتحدة عن دورها القيادي في العالم الحر.

ويأتي هذا المقال بعدما أصبحت الولايات المتحدة المتصدرة الأولى عالميا احصائيات وباء كورونا حيث تخطت الإصابات عدد النصف مليون (524 ألف) وتجاوزت الوفيات إيطاليا إذ بلغت 20 ألف و223 شخص.

وفي مقال نشرته صحيفة ”التايمز“ البريطانية، تحت عنوان ”هل نشهد نهاية الحقبة الأمريكية؟“: قال فينكلشتاين ”إنه عصر عايشه جميع البالغين في تلك الدولة، إنه العصر الذي بدأ مع نهاية الحرب العالمية الثانية، الحرب التي شهدت إفلاس الدول العظمى في العالم، كان الإفلاس أخلاقياً لدى البعض، وسياسياً لدى آخرين، واقتصادياً في معظم الحالات. وفي بعض الأحيان كان الإفلاس ثلاثياً“.

كان هذا العصر المميز بالقرار الذي أصدره الرئيس الأمريكي الراحل هاري ترومان، الذي عمل على تنفيذه اثنان من المكلفين بهذه المهمة، وهما جورج مارشال ودين أشيسون، بالعمل على مساعدة أوروبا مالياً، وجعل أمنها على قمة الأولويات.

هذا العصر الذي ميزته الهيمنة الثقافية لسينما هوليوود وموسيقى الروك آند رول، والازدهار الكبير للرأسمالية الغربية، والمواجهة النووية مع الاتحاد السوفييتي السابق، التي سبقت الانهيار الفكري والسياسي للشيوعية.

وتساءل فينكلشتاين الذي كان مستشاراً لرئيس الوزراء البريطاني السابق جون ميجور، هل انتهى هذا العصر؟، وهل تعني كارثة كورونا نهاية النفوذ الأمريكي؟.

وقال، إنه منذ أن نال ترومان هذا اللقب، فإن الرئيس الأمريكي أصبح ”زعيم العالم الحر“. تلك العبارة تستخدم في الكثير من الأحيان وبصورة مكررة، حيث يعتبرها البعض لقباً رسمياً. مثلما كانت فيكتوريا ليس فقط الملكة، ولكنها إمبراطورة الهند.

 وتابع ”الآن، فإن كونك زعيمًا للعالم الحر ليس منصباً، إنه دور صنعه ترومان عبر أفعاله ووافق خلفاؤه على تحمل تلك المسؤوليات، ضلّوا الطريق في بعض الأحيان، وكانوا أقوياء للغاية، وضعفاء للغاية أيضاً في بعض الأوقات، ولكنهم قبلوا دوماً تلك المهمة التي أعقبت الحرب، بوصفها مهمة مفروضة ذاتياً عليهم؛ من أجل المضي قدماً، وقيادة الديمقراطيات الحرة، ولدعم آراء وأفعال الدول الحرة“.

لا توجد حاجة للمبالغة في تلك القضية، لا يوجد رئيس تجاهل الرأي العام الأمريكي الداخلي، ووضع نفسه بوصفه زعيماً للعالم الخارجي فوق اعتباره زعيماً للأمة الأمريكية، وأخطأت الدول الحرة في الافتراض الدائم بأن الآراء والمصالح الأمريكية تتطابق معهم، الآن وفي معظم مراحل الكفاح والأزمات منذ عام 1945، فإن العالم كان يشعر بقدرته على الاعتماد على الولايات المتحدة بوصفها قائداً، كي توجّه الدفة، حتى الآن.

فيروس ”كورونا“ لا يحترم أحداً ولا يعرف الحدود، إنه لا يتكلم لغة أو يقطن في دولة، ”كوفيد 19“ أزمة دولية، فالأمر المميز في تلك الأزمة هو كيف كانت استجابة كل دولة بصورة منفردة للوضع القائم لديها، نحن نواجه شيئاً يهدد صحة الجميع، في الدول الغنية والفقيرة، ويهدد بدمار الاقتصاد العالمي ربما لسنوات، ويمكن أن يقضي على التقدم الاقتصادي الذي تحقق خلال العقود الماضية. ولكن أين القيادة الدولية لمواجهة ذلك؟.

ومضى فينكلشتاين ”هذا توقيت زعيم العالم الحر، ولكن الآن لا يوجد زعيم للعالم الحر، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير قادر في الأصل على قيادة رد الفعل الأمريكي تجاه الأزمة، ناهيك عن توجيه أو إلهام المؤسسات الدولية، في كل الأحوال فإنه ليس لديه اهتمام لفعل ذلك، وإذا كان لديه هذا الاهتمام فمن ذا الذي سيقوم باتباعه وهو يترنح، ويطلق عباراته الغاضبة خلال مؤتمراته الصحافية المشتتة“.

ووفقا للكاتب، يجسد ترامب موقفاً أمريكياً ينمو مع مرور الوقت، وبينما تراجعت الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة في صفحات التاريخ، فإن الكثير من الأمريكيين يخشون من مسؤولياتهم الدولية، يعتقدون أن القيادة الدولية تكلف أموالا وجهدا وطاقة وأرواحا أمريكية، ويعتقدون ربما على سبيل الخطأ، أن هذا لا يضع الطعام على الموائد الأمريكية أو يجعل أمريكا في مأمن. ربما على النقيض.

وأضاف ”ربما يرحل ترامب العام المقبل أو في عام 2025، ولكن هل سينتهي هذا الشعور، بالتأكيد فإن النفوذ الأمريكي هو نتاج لما هو أكبر من الزعامة الدولية للرؤساء الأمريكيين، إنه يتعلق أيضاً بالنموذج الأمريكي، حتى ولو كانت الدولة تجاهد لاحتواء الفصل والتمييز العنصري، الذي بدا لكثيرين أنه مثال للعالم الممكن الوصول إليه“.

وتعتبر أمريكا أرض الفرص والحركة والازدهار، وميدان الديمقراطية الدستورية التي تحمي حرية التعبير وحرية المواطنين، الدولة التي دائماً ما تتفوق بخطوة، ووضعت أول إنسان على سطح القمر، وتطور التقنيات الحديثة والشركات العملاقة، وتعد معمل الديمقراطية حيث تتنافس الدول على اختبار أفكار وسياسات جديدة، مع ذلك يبدو هذا النموذج ممزقاً، حيث ألقى فيروس ”كورونا“ الأضواء على أمريكا أخرى مختلفة.

فقد هيمنت أمريكا على عصر ما بعد الحرب؛ لأنها خرجت من الحرب العالمية الثانية أقوى من أية دولة أخرى، كانت أغنى وأقوى وأكثر ثقة في نفسها، ودون تلك الثقة الذاتية والثروة، فإن النفوذ الطاغي الأمريكي لم يكن ليظهر على الإطلاق، لكن هناك احتمالا بأنه مع نهاية أزمة كورونا فإن أمريكا ستكون من بين الدول المتأثرة بشدة، وستعاني في التغلب على الأضرار الصحية والاقتصادية التي ستلحق بها.

وتساءل: هل ستكون الولايات المتحدة في موقع يسمح لها بقيادة العالم الحر؟ وإذا لم تستطع، فمن الذي سيفعل ذلك، فالدول الأوروبية لا تزال تعتمد مالياً وعسكرياً وأمنياً على واشنطن، معظم المؤسسات العلمية والصناعية العملاقة في العالم أمريكية، إذا فقدت الإرادة والقدرة على القيادة فإنه لا يوجد أحد حتى الآن يستطيع لعب هذا الدور.

وخلص فينكلشتاين إلى أن ”هذا يدفعنا نحو الصين، فهي متحدية وكبيرة بما يكفي لتحمل هذا الدور، إذا استمر نمو نفوذها الاقتصادي والعسكري، وخلّفت أمريكا فجوة وراءها، فإن هذا سيكون كارثياً بالنسبة لنا، ستكون الصين زعيمة، لكن لن تكون زعيمة للعالم الحر“.

وأختتم المقال ”أنه ربما تكون هذه رؤية تشاؤمية، وربما تجدد هذه الأزمة الإحساس بالدور الفريد لأمريكا، وإرادتها مرة أخرى في القيادة والتي يمكن أن تحظى بالاحترام والقبول. لكن هذا ليس أمراً مضموناً على الإطلاق”.

وبالتالي فإن مهمتنا عندما تنتهي تلك الأزمة أن ننضم إلى دول أخرى، ونؤسس هيكلاً عالمياً لا يعتمد فقط على أمريكا، وأن نبدي استعدادنا لتمويل ودعم هذا الكيان، أن نقبل المسؤولية المشتركة، التي تركناها للولايات المتحدة فقط ولفترة طويلة.

وإذا لم نفعل ذلك، فإن الخطر يتمثل في أننا لن نرى فقط نهاية الطغيان الأمريكي، ولكننا سنرى الطغيان نفسه.

اقرأ المزيد