قال المهندس مصطفى الوكيل المدير التنفيذي لشركة بايوبيزنس، وصاحب برأة اختراع أول جهاز تنفس صناعي مصري، وخبير صناعة وتطوير الأجهزة الطبية، إن صناعة الأجهزة الطبية هى نوع من التكنولوجيا العميقة (Deep tech) بل هي من أهم أنواع التكنولوجيا التي يجب توطينها في السوق المصري.
جاء ذلك خلال ورشة عمل بأكاديمية البحث العلمي بعنوان ” اهمية توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية والمعملية وتعميق التصنيع المحلي و دور البحث العلمي”.
ولفت الوكيل إلى النمو السريع لصناعة الأجهزة الطبية حول العالم حيث ان حجم هذه الصناعة في العالم حاليا وصل إلى 450 مليار دولار وستصل في 2030 الى 750 مليار دولار.
وأوضح أن استثمار مصر في البحث والتطوير ، وهو عنصر حاسم لتوسيع وتطوير صناعة الأجهزة الطبية، لا يزال منخفضًا للغاية على الرغم من أهميته بشكل عام لكافة السلع.
وتابع “حيث أنه يساهم في خفض عجز ميزان المدفوعات (BOP) تدريجياً أو حتى يتم القضاء عليه ، واتاحة السلع المختلفة بأسعار معقولة للمستهلكين إذا استثمرنا المزيد في البحث والتطوير كما فعلت الصين التي نجحت في إنتاج سلع موجودة بتكاليف أقل وبميزات أبسط”.
وأكد الوكيل، أن البحث والتطوير يواجه مشكلة الانفاق العالي حيث يتطلب ميزانيات كبيرة ترى معظم الشركات في مصر توفيرها، وهو ما أدى إلى قصور كبير في عمليات البحث والتطوير في مجال الصناعة بشكل عام وفي القلب منها الاجهزة الطبية.
واضاف، ورغم الدور الكبير الذي تقوم به أكاديمية البحث العلمي في هذا المجال إلا أن الأمر يتطلب دعم كبير من الحكومة وتخصيص ميزانيات بالتعاون مع القطاع الخاص للبحث والتطوير في مجال صناعة الأجهزة الطبية.
ولفت الوكيل إلى إن تكنولوجيا تصنيع الأجهزة الطبية هى تكنولوجيا متطورة ، حيث أن أي جهاز طبي لابد أن يتوفر فيه 4 مكونات رئيسية : أولهم التكنولوجيا حيث لابد من وجود تكنولوجيا تعالج مشكلة طبية معينة ، ثم كل ما هو ملموس في الجهاز بدايةً من المكونات الميكانيكية و حتى دليل المستخدم ، ثم البرمجيات المستخدمة في الجهاز و انظمة التشغيل ، واخيرًا الموافقات على استخدام الجهاز كشهادات الجودة او شهادة CE اوFDA.
وذكر أن أصل صناعة الأجهزة الطبية هي صناعة تجميعية و ليست صناعة تحويلية، لذا تكون نسبة المكون المحلي عامل غير مهم في هذه الصناعة، ولكن الأهم وجود من يوفر هذه المكونات، والذين يأتي في مقدمتهم مقدمي التكنولوجيا مثل المراكز البحثية ومراكز عمل براءات الاختراع، ثم مصنعي المكونات الميكانيكية و الإلكترونية و هي موجودة بالفعل في مصر ولكن تحتاج الى تطوير وتحسين كبير.
وأشار إلى أن المكون الثالث والأهم في صناعة الأجهزة الطبية هو البرمجيات وهو اكثر مكون متطور في مصر ولكن ينقص صناعة الأجهزة الطبية معرفة طريقة استغلال هذا التطور.
أما المكون الرابع فهو الموافقات و شهادات الجودة أو التداول والتي تكون في مصر عن طريق هيئة الدواء المصرية.
وأوضح، أنه تم إنفاق ما يوازي 49 مليار دولار علي عمليات البحوث والتطوير للأجهزة الطبية عالمياً خلال العام الماضي، مع ملاحظة أن 38% من الإستثمارات في عمليات البحث والتطوير تم ضخها عن طريق الشركات الخمس الكبري و33% من الإستثمارات تم ضخها عن طريق الشركات العشر التالية لها.
وكشف الوكيل، عن أن أمريكا تمتلك 55% من هذة الإستثمارات في العالم ، ونسبة 14% لقارة أوروبا بالكامل، ولا يوجد للقارة الأفريقية والمنطقة العربية بشكل عام أية نسبة في تلك الاستثمارات، مؤكداً أنه شئ محزن رغم وجود الإمكانيات التي تؤهلنا للاستثمار في هذا المجال.
وأكد أن هناك عدة تحديات تواجه صناعة الأجهزة الطبية في مصر ، منها البيروقراطية ، وعقدة الخواجة وعدم وجود استراتيجية موحدة من جانب الدولة داعمة لصناعة الأجهزة الطبية.
وتابع، وهو ما يجب طرحه على طاولة المؤتمر الاقتصادي الذي دعا له الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 23 أكتوبر الجاري ، مؤكداً أنه يجب أن يكون هناك استراتيجية واضحة لصناعة الأجهزة الطبية محلياً.
وان يكون هناك دعم من الحكومة للشركات المحلية ودفعها للاستثمار في هذا المجال باعتبار أن صناعة الأجهزة الطبية هى صناعة استراتيجية وأحد عناصر الأمن القومي المصري.
وأكد الوكيل على عدم وجود حماية من الدولة للمنتجات المصرية الجادة في مجال الأجهزة الطبية من المنافسة العالمية الشرسة حال تواجدها بالسوق المصري والتي من الممكن ان تقوم بحرق الأسعار بالسوق لفترة ما يؤدي إلي تضرر المصنع المحلي وفشل تجربة الإستثمار.
وهو ما يجب معه أن يكون هناك قرارات واضحة من وزارة التجارة والصناعة لمكافحة الإغراق في مجال الأجهزة الطبية وتفضيل المنتج المصري وحمايته من المنافسة الغير عادلة من المنتجات الأجنبية المستوردة.