الأربعاء, مايو 1, 2024

اخر الاخبار

ملفاتالسفيرة هيفاء أبو غزالة: لم يتم تحقيق السلام والأمن المنشودين فى أى...

السفيرة هيفاء أبو غزالة: لم يتم تحقيق السلام والأمن المنشودين فى أى من قرارات الأمم المتحدة

«من يدفع ثمن الحروب والنزاعات»، بهذا التسأول بدأت السفيرة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، كلمتها بالمنتدى الدولي حول “النوع الاجتماعي ومحطات النزاع” بمقر الأمم المتحدة في نيويـورك.
وخلال كلمتها بالمنتدى، قالت: في الوقت الذي نحتفل فيه بالذكرى الـ15 لإطلاق قرار مجلس الأمن حول المرأة والأمن والسلام، تظل داعش ماضية في تحقيق أهدافها الإجرامية في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من المناطق، تغتصب الأراضي وتدمر الحضارة والثقافة وتغرس الخوف والرعب وتقتل الآلاف، وتحطم دور العبادة، وتجبر الناس على التخلي القسري عن عقائدهم وتحويل دياناتهم ومصادرة ممتلكاتهم، تبيع النساء كالعبيد في سوق النخاسة وتغتصبهن وتقتلهن.
وأبعد من ذلك، انها تستحوذ على مساحات إخبارية واسعة بمهارة أبرع عمالقة الإعلام، يوصمون منطقتنا على أنها دول دموية ينعدم فيها القانون. كل عنوان من الرعب… كل صورة وخبر وفيلم يتم بثه على مواقعهم يصور بشاعة هذه العصابة الارهابية المتطرفة التي تدعي انها تمثل الإسلام، وكما قالت جلالة الملكة رانيا العبد الله في أحد كلماتها بأن المسلم يعتنق دين المحبة والسلام، دين الرحمة والتفاهم. أما المتطرف فلا دين له، يملأ الشر قلبه ولا يضع أي اعتبار لقدسية الحياة البشرية.
كما نرى مشاهد مروعة للنساء والفتيات وللهاربين من جحيم الحروب والنزاعات، جثث الأطفال على الشواطئ. بحاراً تحمل أجساد النساء والأطفال الذين حلموا بالأمن والأمان، خيم عشوائية، وقبوراً في الصحراء، وشاحنات تصبح أسرة موت، ومع تنقل مئات الآلاف المهاجرين السوريين وغيرهم من اليونان إلى البلقان في طريقهم إلى أوروبا الغربية والشمالية، نجد أن النساء والفتيات والأطفال هم أحوج ما يكون إلى الحصول على الرعاية الصحية المنقذة للحياة والحماية من العنف.
وأيضا أعادت أحداث الحرب على غزة وما سقط فيها من ضحايا من النساء إلى ذاكرة العالم ضرورة تفعيل الآليات الدولية لحماية النساء وأطفالهن في حالة الحروب والنزاعات المسلحة، حيث أدت الحرب إلى تأثير بالغ في حياة النساء وأطفالهن من خلال تسببها في إدخال النساء في دائرة مغلقة من الفقر، واليأس والعوز، مما بين عدم الاحترام الواضح من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي للقوانين والقواعد والمواثيق الدولية.
ونساء العالم يحتفلن بمرور 15 على اصدار القرار 1325، ستظل صورة النساء العراقيات اليزيديات يسقن إلى سوق النخاسة ويتم بيعهن والاتجار بهن واغتصابهن وقتلهن، وصورة الطفل إيلان على أحد الشواطئ ماثلة أمام أعين العالم محفورة للأبد في ضمير العالم.
وأشارت العديد من التقارير الدولية الى حجم العنف والدمار الذي تشهده حروب هذا القرن. حيث يشير تقرير معهد هايدلبرج الألماني لأبحاث الصراعات الدولية لعام 2014 إلى أن عدد الحروب الدائرة في أنحاء العالم أرتفع العام الماضي من 20 إلى 21 حرباً. وبين المعهد إلى أن هذه الزيادة “البسيطة” كان لها أثر بالغ على العالم حيث أصبحت هذه الحروب تؤثر على عدد أكبر من الدول مقارنة بتأثير حروب عام 2013. وصنفها المعهد بأنها “بالغة العنف”.
ويقول تقرير اليونسكو: “الأزمة الخفية : النزاعات المسلحة والتعليم ” بأن الأمم المتحدة نشأت عام 1945 لتحرير العالم من ويلات الحروب ووعدت بمستقبل يعيش فيه الإنسان آمنا متحرراً من أغلال الخوف.. لكن لا يزال هناك للأسف بون شاسع بين عالمنا والعالم الذي توخاه صائغو الإعلان العالمي ومسافة طويلة تنأى بنا عن بلوغ أهدافنا المشتركة في مجال التعليم. ولا مناص من الإقرار بأننا نخفق جميعاً في التصدي للتحديات الهائلة التي تفرضها علينا النزاعات المسلحة.. ولا تزال النزاعات المسلحة تلحق الدمار بحياة الملايين من سكان العالم المستضعفين.
فيما قررت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وقف محاولات إحصاء قتلى الحرب في سوريا حتى إشعار آخر، بسبب الوضع المعقد هناك، وكانت المرة الأخيرة التي أعلنت فيها المفوضية أعداد القتلى في سوريا في تموز الماضي، وذكرت آنذاك أن عدد القتلى يزيد عن مائة ألف شخص معظمهم من النساء والاطفال.
حقيقة ان من حق كل إنسان أن يحيا دون التعرض للعنف، ولكن وكما نعلم جميعاً، ليس هذا هو واقع الحال في يومنا هذا. حيث تتعرض المرأة بشكل خاص وغير متناسب لآثار النزاعات المسلحة، وعلى الرغم من ذلك يتم استبعادها بشكل متكرر من عمليات إحلال السلام وإعادة البناء، مما يؤدى على المدى البعيد إلى استحالة تحقيق السلام المستدام. حيث لم تعد الحروب تتمثل فقط في رجال يقاتلون في خنادقهم بل أصبحت الحروب الان تشوه وتدمر حياة كل من النساء والرجال على حد سواء.
واذا علمنا بأنه من أصل 192 دولة عضو في الأمم المتحدة، لم ينفذ قرار مجلس الأمن 1325 بشأن اعداد خطط عمل وطنية لترجمة القرار حتى الآن، سوى 21 دولة عضو في الأمم المتحدة. فأننا نقول بأن جامعة الدول العربية التي تضم في عضويتها 22 دولة عربية كانت أولى المنظمات الدولية التي بادرت الى اعداد استراتيجية وخطة عمل اقليمية للمرأة والأمن والسلام، ليس فقط ترجمه لهذا القرار إنما أيضا ترجمة لجميع القرارات التي أصدرها مجلس الأمن المتعلقة بالمرأة والأمن والسلام.
وانطلاقاً من دور جامعة الدول العربية المحوري لمواجهة الأزمات فقد انشأت بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي مركز الاستجابة للأزمات والإنذار المبكر عام 2011، حيث قام المركز بتنفيذ العديد من المبادرات التي ساهمت في تعزيز القدرات المؤسسية للأمانة العامة للجامعة والدول الأعضاء في مجال الاستجابة للأزمات، ودعم “بعثات مراقبة الانتخابات” في مناطق مختلفة، واصدار نشرات إعلامية يومية حول أهم المستجدات على الساحتين الاقليمية والدولية إضافة الى اصدار نشرات تحليلية اسبوعية حول قضايا مختلفة على الساحتين الاقليمية والدولية، ونشرات تحليلية حول مستجدات الاحداث في الدول العربية التي تشهد أعمال عنف وإرهاب.
وكان اهتمام الجامعة بالعمل على ادماج النوع الاجتماعي في برنامج الاستجابة للأزمات دوراً هاماً من خلال العمل مع شبكة النساء العربيات من أجل السلام التي أنشأتها منظمة كرامة وبرنامج الامم المتحدة الانمائي بهدف تعزيز مشاركة النساء في جهود اعادة الاعمار وبناء السلام ؛ حيث أصبحت النساء الآن قادة المساعدات الإنسانية، خاصة مع اشتداد الصراع والنزاع.
وحيث أن الاعلام يلعب دوراً هاماً في ساحة الصراع والنزاع فقد أصبح من المهم للنساء أن يبحثن عن آليات جديدة لتوحيد جهود الناشطات والمؤسسات النسائية التي تشارك في بناء السلام والأمن، ويقترح ايجاد منصة إعلامية حوارية لتكون كمحفل إقليمي ودولي بهدف ايصال صوت المرأة في مناطق النزاع واحتياجاتها المختلفة خلال المرحلة الحالية وفيما بعد على المستويات الاقليمية والدولية.
ويمكن أن توفر المنصة مساحة واسعة للالتقاء المعرفي وتبادل الخبرات والمعلومات وبناء شبكة العلاقات وذلك من خلال وسائل عدة منها، التشبيك مع منصات إعلامية متنوعة تستهدف الوصول الى أكبر عدد ممكن عبر الوسائط المطبوعة والمرئية والمسموعة وعبر وسائل التفاعل الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي، وعبر اللقاءات الحوارية والتفاعلية المباشرة للعمل على صناعة رأي عام ودولي ضاغط لحماية النساء والفتيات في مناطق النزاع والصراع، إضافة إلى نقل ما يجري على الأرض من جرائم بشعة تقوم بها عصابات الارهاب وتوثيق الانتهاكات التي تجري في مناطق الصراع والنزاع والاحتلال.
وأخيرا يمكن القول بأنه للأسف لم يتم تحقيق السلام والأمن المنشودين في أي قراراً من قرارات الأمم المتحدة وخاصة المتعلقة منها بحماية النساء والفتيات. فهل نحن بحاجة الى قرار أممي جديد لحماية النساء في أوقات النزاع قبل أن نتأكد بأننا نستطيع ترجمة القرارات الاخرى.
وفي الوقت نفسه، علينا أن نرى تهديد التطرف ضد كل ما يتعلق بحقوق النساء يعود بنا مئات السنين الى الخلف، فالإرهاب والتطرف أصبح يتجاوز الحدود الجغرافية، ولن تسلم منه أمة، فهو تهديد عالمي، وأثره لا ينحصر في المنطقة العربية فقد أمتد إلى دول عديدة في العالم مما يؤكد على تضافر الجهود الدولية لمواجهته.

اقرأ المزيد