بقلم: أحمد عطا
في بداية الألفية كنت اعمل في مكتب جريدة القبس الكويتية بالقاهرة، وعرضت علي مدير المكتب وقتها الكاتب الكبير الاستاذ اسامة الغزولي فكرة عمل حوار مع مرشد الجماعة وقتها الراحل مصطفي مشهور الذي تولي مكتب الإرشاد بعد المرشد محمد حامد ابو النصر.
ووافق الاستاذ اسامة الغزولي، وأكد لي ان مصطفي مشهور ملقب بالصقر وليس سهلاً ويحتاج أعداد قوي حتي يخرج الحوار بما يناسب تاريخ قيادي في حجم مصطفي مشهور، وأجريت اتصال بمكتب الإرشاد الذي كان يقع في حي منيل الروضة فرد عليه سكرتير المرشد وقتها مسعود السبحي وطلبت منه عمل حوار صحفي مع المرشد مصطفي مشهور فقال لي سأرد عليك بعد ساعة وبالفعل انتظرت ووجدت بعد ساعة القيادي مسعود السبحي يتصل بي ويؤكد لي موافقة مرشد الجماعة علي اجراء حوار معه ولكن بشرط ان الحوار ليس مسجل سأكتب الأسئلة وأتركها ثم أعاود مرة اخري لكي أتسلم الرد على أسئلة الحوار ووافقت بدون تردد علي شرط المرشد مصطفي مشهور ان اجري حوار معه غير مسجل.
وبالفعل عكفت علي مراجعة تاريخ الجماعة وتاريخ مصطفي مشهور وآخر المعلومات التي ترتبط بالتنظيم وقتها والانشقاقات داخل التنظيم وذاكرت جيداً تفاصيل كثيرة وبالفعل كتبت اكثر من عشرين سؤال وطبعتهم وذهبت في الميعاد المحدد، وما ان اقتربت من مكتب الإرشاد المجاور لمدرسة چيهان السادات الثانوية علي النيل بحي منيل الروضة إلا وسيطر علي شعور غريب وأسئلة كثيرة في مقذمتها، ماذا في مكتب الإرشاد وماذا افعل لو منعني نقطة الارتكاز الأمني الضخمة التي تقف أسفل مكتب الإرشاد، وبعد الحيرة من أسئلة كثيرة وجدت نفسي أسفل عقار ضخم وحشود أمنية كبيرة، نظر الي مجموعة من ظباط المباحث وتركوني اصعد بدون ما يتحدثوا معي.
وبالفعل صعدت الطابق الاول وانا امر داخل سلم ضيق ومظلم لا يسيطر عليه وقتها هو شيئ واحد النجاح بالتجربة والفوز بحوار مع مرشد وصقر الجماعة مصطفي مشهور – اقتربت من الشقة وضربت الجرس وفتح لي شاب يبدو من العاملين داخل مكتب الإرشاد سألته عن سكرتير المرشد مسعود السبحي فابتسم وطلب مني خلع الحذاء وتركه امام باب الشقة ووجدته شعرت بالقلق لان الحذاء كان ماركة بالي سويسري وكان جديد وغالي جداً، المهم خلعت الحذاء وقررت ان أفوز بالحوار حتي لو كان الثمن ضياع الحذاء الجديد، وما ان جلست حتي اقترب مني شاب اخر وسألني تحب تشرب ايه يا اخي فقلت له اي حاجة، فرد بلهجة مغلفة باللغة العربية وقال عندنا ليمون بنزهير.. مكنتش اعرف يعني ايه ليمون بنزهير المهم هو ليمون وخلاص.
وأثناء انتظاري حضر مسعود السبحي مرحباً بي واستلم الأسئلة وقال لي سأعرض الأسئلة علي فضيلة المرشد مصطفي مشهور، فرديت وقلت طيب انا منتظر، وانصرف مسعود السبحي وجلست اتفحص الصالة الصغيرة التي اجلس بداخلهاا ولَم اصدق أني داخل مكتب الإرشاد وسأقابل بعد قليل مرشد الجماعة مصطفي مشهور، المهم دخل شاب يحمل صينية عليها كوب ليمون ساقع ورائع وجلست استمتع بالليمون وانا استمع لنشيد التنظيم لأول مرة (نجمة وكوكب وأجمل موكب يا بلدنا الليلة مش هتنامي، صبراً يا شمير جند التحرير هيرسلهم إليك حسن البنّا) وتتابعت الأناشيد علي مسامعي وانا بشرب كوب الليمون البنزهيز.
وبعد عشرة دقائق وجدت مسعود السبحي يبلغني ان الاستاذ مصطفي مشهور عايز يشوفني وهو هيخرج عشان يقابلني واندهشت وتسألت لماذا لما ادخل له مكتبه وأتحدث اليه!؟ وبعد قليل خرج المرشد مصطفي مشهور ومعه نائبه الاول وقتها الدكتور محمد حبيب.. وسألني مين كاتب الأسئلة دي فرديت بكل ثقة احاول أسيطر علي القلق الذي يسيطر علي و اتحدث بصوت مرتفع حتي لا يسمع دقات قلبي من كثرة القلق او ان يرفض اجراء الحوار – فعاود وسألني مين كاتب السؤال ده.
وكان السؤال علي النحو التالي (ما رأيكم في قول اللواء حسن ابو باشا وزير الداخلية الاسبق ان جماعة الاخوان يدعون الى الاسلام وأعينهم علي الحكم؟ فرديت وقولتله انا، فهز راْسه ويكسو وجهه الغضب وقال ملقتش غير ابوباشا الكاره للجماعة والتنظيم وتستشهد بتعليق له؟.
والسؤال الثاني الذي اعترض عليه أيضاً وكان علي النحو التالي (ما ذنب الطلبة اللي بتقبض عليهم مباحث أمن الدولة وبيتم تسجيلهم ويضيع مستقبلهم؟) فرد وقال سيخرجون اكثر عقيدة وسنظل نكافح حتي إقامة الدولة الاسلامية حتي لو استمر بِنَا الحال مائة عام، علي أساس ان الجماعة كانت وضعة خطة وهي الإطاحة بالانظمة العربية في 2028 بعد مرور مائة عام على تأسيس الجماعة.
وحول اتهامه بالارهاب وحادث العربية الچيب الشهير في عام 1948.. فرد وقال هذا ليس ارهاب يا بني كنّا نقتل اليهود الموجدين في مصر وربط علي كتفي وقال انت صغير معركتنا كبيرة ومستمرة، وبعد يوم من استلامي اجابات مرشد الجماعة مصطفي مشهور اتصل بي مسعود السبحي، وطلب حذف اجابة المرشد حول ميعاد الثورة الاسلامية ولكني رفضت لأني موقع علي الأسئلة والأجوبة.
هذا اللقاء من سلسلة حوارات ولقاءات مثيرة مع مصطفي مشهور مرشد الجماعة الذي اكمل مسيرة عمر التلمساني.