الأربعاء, نوفمبر 19, 2025

اخر الاخبار

عاجلالجواب العربى على التغيرات الكبرى ومواجهة جحيم الإنقسامات والصراعات

الجواب العربى على التغيرات الكبرى ومواجهة جحيم الإنقسامات والصراعات

بقلم: د.علي محمد فخرو

إذ تطرح مختلف دول العالم وتكتلاته تصوراتها وآمالها بشأن مستقبل ما بعد وباء فيروس الكورونا الكوكبي، فانها تطرحها في شكل مكونات فكرية وعقائدية وتغييرات في واقعها هي، بالدرجة الأولى.

فالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين وبقية دول الشرق الأقصى وروسيا وغيرهم يطرحون تصورات مختلفة، بل وأحياناً متناقضة، ستخدم مصالحهم ومكاناتهم العالمية الذاتية في المقام الأول، حتى ولو ذكروا بين الحين والآخر اهتمامهم بالمصالح الإنسانية المشتركة. فهم حتماً معنيون قبل أي شيء آخر بمجتمعاتهم وأوطانهم وشعوبهم.

من هنا الأهمية الكبرى لطرح السؤال التالي: وماذا عنا نحن العرب؟ هل ستكون لنا رؤية مستقبلية قومية عربية مشتركة، أم ستكون لنا رؤى تعددية متباعدة، وبالتالي بصوت ضعيف وبوزن لا يعيره العالم أي اهتمام أو مبالاة؟.

في الخمسينات من القرن الماضي، عندما وضعت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية تصوراتها حول ما يجب أن يكون عليه العالم، وتقاسمت النفوذ الأممي فيما بينها، كان رد الوطن العربي كله شبه ردً واحد في مكوناته الفكرية والاستراتيجية النضالية وتعاضده.

كان رد الدول العربية الرازحة تحت الاستعمار إشعال حروب التحرير من أجل الاستقلال. وكان كل شعب عربي يجد نفسه غير قادر للقيام بعملية التحرير بامكاناته الذاتية يجد عند كل الشعوب العربية الأخرى دعماً معنوياً ومادياً وأحياناً مشاركة في النضال المسلح.

وكان هدف الإستقلال الأساسي عند الجميع هو إستعادة كرامة وحرية الإنسان العربي وإخراج المجتمعات العربية من تخلفها التاريخي.

وكان لا بد من طرح فكر ووسيلة نضال للمحافظة على الإستقلال الوطني، وذلك كتمهيد للإستقلال القومي الشامل لكل الوطن العربي، فطرح البعض الطليعي الفكر القومي العروبي المنادي في السياسة بوحدة الأمة العربية وحريتها وفي الإقتصاد بإعطاء أهمية كبرى للعدالة الإجتماعية وتوزيع الثروة.

وقد تمخض عن ذلك المد العربي تغيراً جذرياً في عمل وكفاءة الجامعة العربية لتصبح مؤسسة عربية يحسب لقراراتها في الخمسينات والستينات ألف حساب. كما تمخض عن إنخراط الجزء الطليعي من الأمة العربية في حركة عدم الإنحياز وفي قيادة العالم الثالث ككتلة مستقلة عن المعسكرين المتصارعين: المعسكر الغربي الرأسمالي والمعسكر الإشتراكي.

هكذا كان رد الأمة العربية على التغيرات العالمية الكبرى التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.

الآن، والعالم مقبل على تغيرات كبرى والسير في مسارات جديدة، نحتاج أن نطرح السؤال الآتي: بأية ثوابت ووسائل تنظيمية عربية مشتركة وممثلة للأمة العربية سيساهم العرب في التغيرات العالمية من جهة وفي التغيرات التي سيرضاها العرب لمجتمعاتهم؟

الجواب على ذلك السؤال سيكون له تأثير بالغ على مدى دخول العرب ونوعه في العالم الجديد الذي سيخلق، عالم ما بعد وباء فيروس الكورونا.

ومن المؤكد أن ذلك الجواب سكون ضعيفاً وبائساً إذا لم يواجه العرب مجتمعين الجحيم الذي تعيشه الأمة العربية حالياً: جحيم الدمار الهائل في عديد من الأقطار العربية، جحيم الإنقسامات والصراعات الطائفيه والعرقية والقبلية، جحيم الجنون الجهادي التكفيري العابث بمكانة وقيم الإسلام، جحيم الجهالات المشبوهة عبر طول وعرض شبكات التواصل الإجتماعي العربية، جحيم التخلي عن الإخوة العرب الفلسطينيين في كفاحهم ضد الاستعمار الصهيوني وعنصريته.

وأخيراً جحيم الإعتقاد بوجود خلاص فردي لكل قطر عربي، مستقلاً عن أمته وقادراً على الإبحار في العواصف الإقتصادية والأمنية والسياسية القادمة.

.. مواجهة التغيرات العالمية الجديدة ككتلة عربية واحدة متعافية هو الجواب، وإلا فسنواجه الطوفان، وقد يغرق بعضنا.

اقرأ المزيد